لإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أن
النسخ دعوى تُدعى في الآية ، فإن كان هناك دليل على صحة النسخ
اعتبر القول ، وإن لم يكن فإن هذا القول لا يعتبر ؛ لأن الأصل عدم
النسخ ، ومن ادعى دعوى فهو يطالب في إثباتها .
والذين ذهبوا إلى النسخ استدلوا بقول الله تعالى
) فإن أمن
بعضكم بعضا فليؤدي الذي اؤتمن أمانته ( فاعتبروا هذه الآية ناسخة
للكتابة والإشهاد . وهذا القول لا يسلّم ؛ فإن الآية ليست دليلاً
على نسخ الكتابة والإشهاد . وقد اختلف أهل العلم في توجه هذه الآية
لأي شيء بالضبط ، هل هي لكل ما سبق أم هي بالنسبة للرهان الذي يكون
في السفر كما قال الله تعالى : ) وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا
فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق
الله ربه ( فالظاهر من الآية أنها موجهة لقضية الرهان ، وبعض أهل
العلم يقول إنها متوجهة لكل ما سبقها فيدخل في ذلك آية الدين ،
وعلى كل حال إن كانت موجهة فإنها لم تنسخ الكتابة والإشهاد وإنها
تتحدث عن حالة الأمن إذا أمن البعضُ البعضَ الآخر ، فأمر الله
تعالى أن يؤدي الذي اؤتمن أمانته وألا يخون تلك الأمانة وإن لم تكن
مكتوبة ، ولكن الأفضل ـ ولا شك ـ أن الكتابة أولى ، فإن الله لم
يأمر به إلا لأنها فيها الخير للطرفين ؛ فإن المسلم معرض للنسيان
ومعرض أيضاً للفتنة ، فالكتابة تؤمن الحالين والحمد لله . وقد نسي
آدم عليه السلام فنسيت ذريته كما جاء في الحديث ، فالأولى للمسلم
أن يكتب وأن يشهد كما أمر الله سبحانه وتعالى . ويكفي أن الله
تعالى يقول : ( ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله )
وذكر سبحانه وتعالى العلة الواضحة فقال : (
ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى أن لا ترتابوا إلا
أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح أن لا تكتبوها
) فهذا الذي يظهر .
والله
تعالى أعلم .