لإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أن
هذه المسألة تكلم فيها كثير من أهل العلم وطلبته ، والذي أذكره
الآن هو الراجح في المسألة ، والله تعالى أعلم . ولا نريد أن نطيل
فيها أكثر مما أجيب به ، لأني أعرف أن الحديث فيها تردد في
المنتديات كثيراً . والخلاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم
عندما
قدم المدينة كان يحب أن يوافق أهل الكتاب ، وفي ذلك تأليف لهم
وترغيب للدخول في دين الإسلام ، فكان أول حصل أنه أمر باستقبال بيت
المقدس فصلى إليه بضعة عشرة شهراً ، ثم أمر بعد ذلك باستقبال
الكعبة وحصل ما حصل من كراهية اليهود لذلك وكلامهم في هذا الأمر .
وكان صلى الله عليه وسلم يحلق شعره كما كان قوم من المشركين
يفعلون ثم لما هاجر سدل شعره كما يفعل أهل الكتاب ، ثم أمر بعد
فترة من مقامه في المدينة بمخالفتهم . فلما أمر بمخالفتهم وصل
الأمر به صلى الله عليه وسلم أنه تحرى ذلك في شعره أيضاً
فكان يفرق مخالفة لهم .
ومن
الأمور التي وافقهم فيها
صلى الله عليه
وسلم في
بداية الأمر أنه نهى عن صيام يوم السبت وقال : " لا تصوموا السبت
إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر فليفطر عليه "
، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك لأن يوم السبت يوم
عيد عند اليهود ، ويوم العيد لا يصام وإنما هو أكل وشرب وذكر لله
تعالى . وكان ذلك كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام
يوم الجمعة لأنه عيد للمسلمين فكذلك يوم السبت كان عيداً لليهود ،
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامه ، فلما أمر
بمخالفتهم أصبح أكثر ما يصوم أن يصوم يوم السبت وصام يوم الأحد
مخالفة للنصارى في جعل هذا اليوم عيدا لهم . فإذاً ، الفطر كان
تكريماً لهذا اليوم وتعظيماً له وموافقة لأهل الكتاب ، ثم بعد ذلك
أمر بالمخالفة فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم يصومه كسائر
أيام الأسبوع ما عدا يوم الجمعة ، وأصبح النهي متعلقاً بعيد
المسلمين فقط ، وهو يوم الجمعة ، والنهي عن إفراده بالصوم . ومن
أراد أن يصومه فليصم يوماً قبله أو يوماً بعده . وقد ثبت في الحديث
ما يدلل على ذلك من أن هذا كان موافقة لأهل الكتاب ثم خالفهم بعد
هذا . ونص على هذا الكلام الذي ذكرته بنحوه الإمام ابن القيم في
زاد المعاد ، ومن أراد التفصيل فليراجعه . وقد ذكر الأدلة التي
تدلل على ذلك .
والله
تعالى أعلم .