بسم الله الرحمن الرحيم

الرقم : 001365                     التاريخ : 17 - 1423 هـ

 

السؤال : الأخ يسأل يقول : إن ابن مسعود رضي الله عنه دخل على مجموعة في المسجد وهم يعدون الحسنات ، وجاء في بعض الروايات أنهم وضعوا كوماً من الحصى وفيهم رجل يقول : كبروا ألفاً ، وسبحوا ألفاً ، ونحو ذلك ، فقال لهم ابن مسعود : إني ضامن على الله أن لا يضيع شيء من حسناتكم ولكن أحصوا سيئاتكم . فالأخ يقول : هل يستطيع أحد أن يضمن الحسنات ؟

 

 

رابط الحفظ

استمع إلى السؤال والإجابة | طباعة

 

لإجابة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 

ابن مسعود رضي الله عنه عندما رأى هؤلاء شعر أنهم يستعظمون العمل الذي يعملونه لأنه يدخل في النفس العجب ، فإذا أراد الشخص أن يسبح الله وأن يذكر الله فإنه يذكره بينه وبين نفسه ، وهذا الذكر المطلق السنة فيه أن لا يعد أصلاً ، فإنه لا حاجة للعدد ، والله عز وجل أحصى كل شيء عدداً ، وهذا معنى قول ابن مسعود إني ضامن على الله أن لا يضيع شيء من حسناتكم ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : ( إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ) وكذلك ـ كما قلنا ـ فالله عز وجل أحصى كل شيء عدداً ، فمهما قام الشخص بذكر لله تعالى مطلقاً فهذا لا يضيع عند الله . ومعنى قول ابن مسعود : أن الله عز وجل يحصي كل حسنة للإنسان ولا يمكن أن تضيع عليه الحسنة ، وسوف يكتب له هذا الأجر عند الله من غير رياء ولا عجب مما يفسد عمل الإنسان . وأما السيئات فإن إحصاءها يفيد المسلم ، لأنه يعلم أنه مذنب ومخطئ وفي حاجة إلى الاستغفار وإلى التوبة ، فلأجل هذا قال : احصوا سيئاتكم ، لأن إحصاء السيئات يفيد ، أما إحصاء الحسنات فلا يوقع في النفس إلا العجب والغرور . ولأجل هذا ذكر ابن مسعود أن هؤلاء أصبحوا بعد ذلك ممن يقاتل مع الخوارج يوم النهروان كما جاء في الأثر ، والخوارج إنما أوتوا من قبل العجب ، فكان نظر ابن مسعود في محله .

هناك تعليق : يقول بعض الإخوة : إن فعل ابن مسعود كان من باب الإنكار على الهيئة التي اجتمعوا عليها لأنهم أتوا بأمر محدث من الهيئة والعمل .

فأقول : المتدبر في طرق هذه الرواية والمتتبع لها ، يرى أن الصحيح الذي ثبت منها بإسناد صحيح ليس لأجل العدد كعدد ، أو لأجل الاجتماع في المسجد كهيئة ، وإنما لأجل إحصائهم لهذا الذكر المطلق ، لأن الأذكار المطلقة السنة فيها عدم الإحصاء ، فابتداعهم  من هذه الحيثية ، بأنهم يقومون بعد ذكرهم المطلق ، وهذا ليس من السنة ، بل هو خلافها ، وهذه هي البدعة التي وقعوا فيها ومؤداها كما قلت إلى العجب وهذا  ما تبين ضرره بعد ذلك من خروجهم مع الخوارج ،

 

 

والله تعالى أعلم .