اختطاف الجن للإنس
***
تكلمنا في الجزء السابق عن استحواذ الجن على مخ الإنسان وأعضاء جسده الداخلية،
ولكن هل للجن القدرة على السيطرة على كامل جسم الإنسان خارجي؟ هذا سؤال هام
ولابد من التطرق إليه لتزول دهشتنا من سيطرة الجن على الجسم داخليا.
عن عامر قال: سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود، فقلت: هل شهد أحد منكم
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا. ولكنا كنا مع رسول الله
ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا استطير أو اغتيل. قال:
فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء. قال: فقلنا
يا رسول الله؛ فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فقال: (أتاني
داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن). قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم
وآثار نيرانهم وسألوه الزاد، فقال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في
أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم) فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم). ( )
(خمروا الآنية ، وأوكوا السقية ، وأجيفوا الأبواب واكفتوا صبيانكم عند العشاء
، فإن للجن انتشارا وخطفة ، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد ، فإن الفويسقة ربما
اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت) . قال ابن جريج وحبيب
الراوي: جابر بن عبدالله - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر:
الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3316
انتشاراً وخطفة ) بالتحريك جمع خاطف وهو أن يأخذ الشيء بسرعة والخطفة
الأخذ بسرعة .
عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها لا يرمى بها لموت أحد و
لا لحياته و لكن ربنا تبارك و تعالى إذا قضى أمرا سبح حملة العرش : ماذا
قال ربكم ? فيخبرونهم ماذا قال فيستخبر بعض أهل السموات بعضا حتى يبلغ
الخبر هذه السماء الدنيا فيخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم و يرمون فما
جاءوا به على وجهه فهو حق و لكنهم يفرقون فيه فيزيدون . (صححه الألباني)
انظر حديث رقم: 2439 في صحيح الجامع.
قال تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَؤُاْ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا
قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا
آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ
أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ
قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ
قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن
شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ
كَرِيمٌ) [النمل: 38: 40].
فقياسًا على أن الجن يستطيعون حمل عرش من بلد إلى الآخر، فإن حمل الإنسان من
مكان إلى الآخر يعد أسهل وأهون لخفة وزنه عن وزن العرش، وباعتبار أن
الروحانيون يتعاملون مع الجن، والقرائن تحديدًا، لا أرواح الموتى كما يزعم
أهل الكتاب، والذين ينكرون وجود الجن، ويؤمنون بالأرواح والشياطين باعتبارهم
ملائكة ساقطين، فهناك حادثة مسجلة تثبت تفوق قدرت الجن على قدرات البشر،
وتؤكد قدرة الجن على خطف إنسان وحمله من مكان إلى الآخر في أقل من لحظة، وهي
تشابه إلى حد كبير قصة نقل الجن عرش بلقيس من سبأ إلى القدس، ذلك (ما حدث في
جلسة روحية عقدت بتاريخ 23 يونيه سنة 1871 بالمنزل رقم 16 بشارع لامز كوندويت
Lamb’s Conduit، بحي هاي هولبورن High Holburn، الذي يقع بمدينة لندن. وكان
وسيطاها فرانك هيرن Frank Herne ووليامز Williams، وكانا متزاملين دائمًا منذ
شهر يناير من ذلك العام. وكان الوسيطان (كالمعتاد) مقيدي الوثاق، والأبواب
محكمة الإغلاق، وقد ألف المختبرون تجسد روحين بصفة دائمة وهما جون كنج J.
King وكريمته كاتي كنج Katie King. وهذان الروحان كثيرًا ما يعملان معًا في
الجلسات، ويشار إليهما مجتمعين معًا في كثير من التقارير الروحية، وسجلات
الباحثين الروحيين.
وفي هذه الجلسة أشارت كاتي إلى أنها قد سئمت المجلوبات العادية كالخواتم،
والأحجار الكريمة وغبرها، وأن والدها قد حذرها من الإفراط في استخدام طاقتها
الأكتوبلازمية، لكنها تريد مع ذلك الاستمرار في سبيلها. وعندئذ قال لها هازلاً
الأستاذ وليام هاريسون W.Harrison رئيس تحرير مجلة (الإنسان الروحي) الذي كان
موجودًا: (لماذا لا تحضرين السيدة جابي Guppy(أجنس نيشول)؟) أثار هذا
الاقتراح الفريد ضحك باقي الحاضرين الذين كانوا يعرفون السيدة جابي بوصفها
وسيطة مشهورة، وعرف عنها ضخامة الجسم لطولها وبدانتها. وعندئذ قبلت كاتي
التحدي قائلة: (نعم سأفعل ذلك، وسأحضر السيدة جابي!). فأجابها الحاضرين: (كلا
لا ينبغي أن تفعلي ذلك إذ قد تلحقين ضررًا بالمرأة المسكينة). لكن كاتي أجابت
بإصرار (كلا سأفعل ذلك).
وكانت السيدة جابي تجلس في ذلك الوقت في منزلها بحي هايبوري Highbury على بعد
ثلاثة أميال، بجوار المدفأة ممسكة دفترًا وقلمًا، وتجلس في مواجهتها صديقتها
الآنسة نيلاند Neyland تتصفح جريدة. وعندئذ سعلت السيدة جابي قليلاً، فلما
التفتت إليها صديقتها وجدتها اختفت تاركة مكانها ضبابًا خفيفًا، وذيلاً من
الضوء بجوار السقف.
وأولئك الجالسون في الدائرة الروحية يقررون أنه لم تمض سوى ثلاث دقائق منذ
الوقت الذي أعلنت فيه كاتي كنج عن رغبتها في إحضار السيدة جابي حتى سمعوا صوت
ارتطام جسم ضخم في منتصف منضدة الجلسات. وشعر السيد إدواردز بأن يد تمس رداءه،
وعندئذ أضاء أحدهم ثقابًا فشوهدت اليدة جابي واقفة وسط المائدة، وبيدها قلم
ودفتر كانا في يدها من قبل، وكانت يدها اليمنى التي تمسك بالقلم تخفي وجهها
كما لو كانت تحاول أن تدرأ أمرًا ما. وكان يبدو عليها الذهول عن الحاضرين،
ولم تجب بالتالي عن أسئلتهم. ونصح جون كنج الحاضرين بأن يدعوها هادئة لبضع
دقائق: (وستصبح حالاً في حالة طيبة). وبعد أربع دقائق تحركت السيدة جابي لأول
مرة منذ وصولها في الساعة الثامنة إلا عشر دقائق، وزفرت زفرة حادة من شدة
تبرمها، وبدا عليها أنها بدأت تشعر بوجود الحاضرين وبأنها ترتدي ملابسها
المنزلية المتواضعة. ثم قالت شاكية: (لكنني لم أكن أبدًا مستعدة للخروج
خارجًا، ولم أرتد حتى الحذاء) وبمجرد إبدائها هذه الشكوى أخذت ملابسها تساقط
من السقف بما في ذلك حذائها، وقبعتها، وبض عيدان من صنف خضار كانت تجري طهيه
في منزلها!.
ودون محضر تفصيلي بمعرفة الدكتور إبراهام وألماس Abraham Wallace نشر في مجلة
الضوء Light موقعًا عليه من الحاضرين وعددهم أحد عشر شاهدًا. كما نشرت
الواقعة في مؤلف عن (الروحية الحديثة Modern Spiritualism) للعلامة الدكتور
فرانك بودمور Frank Podmore (ج2 ص 259) (وهو من أكثر الباحثين حذرًا في قبول
الوقائع ) حيث يقرر أن المحققين انتقلوا بعد حدوث الظاهرة إلى منزل السيدة
جابي ووجدوا فيه صديقتها ليلاند التي روت لهم كيف أنها منذ ساعة أو ساعتين
كانت تجلس مع السيدة جابي بجوار المدفأة يتحادثان عندما وجدت زميلتها قد
اختفت بغتة تاركة وراءها ذيلاً من الضوء بجوار السقف).
وبطبيعة الحال كان للواقعة دويها في الصحف والمجلات الروحية والعادية، وأثارت
نقاشًا ضخمًا في كل البيئات. لكن عوامل الثقة فيها كثيرة، وقد نشرتها (موسوعة
العلم الروحي) على أنها واقعة ثابتة علميًا. كما نشرها الدكتور ناندور فودور
Nandor Fodor صاحب الموسوعة في مؤلفه بعنوان (العقل فوق الفضاء Mind Over
Space). ( )
وسوف أستأنف سرد بحثي في الرد على السؤال المطروح
|