قطوف
من روائع السيرة الذهبية
( 3 )
لأول مرة
الإسراء والمعراج
الرِّوَايَةُ المتَكَامِلَةُ الصَّحِيْحَةُ الوَحِيْدَةُ
تأليف
الشيخ / محمدُ بنُ رِزْقٍ بنِ طُرْهُونِيْ
دار فواز للنشر والتوزيع
الإحساء
المقدمة
الحمدُ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فقد وعدتك أيها القارئ العزيز في رسالة ( النبيُّ r كأنَّك تراه ) وهي الجزءُ الثاني من مجموعة القطوف التي وقع الاختيارُ عليها من كتابي صحيحِ السيرةِ النبويةِ والذي سميته [ السيرة الذهبية ] بإخراج قصة الإسراءِ والمعراجِ الصحيحةِ في وقتٍ لاحق . وها أنا ذا أوفي بما وعدتُ به ، متعجلاً وصولَ هذه المعلوماتِ إليك ، ومشوقاً لك إلى المجلد الثاني من السيرةِ المتضمن في حناياه هذه الرسالةَ الصغيرة ، وأتركُ لخيالِك المجالَ لتتصورَ مايحويه هذا المجلدُ المنتظرُ من سائرِ المباحثِ والوقائعِ إلى هجرتِه r على غرارِ المنهج الذي تراه في هذا الجزء .
وقد ذكرت في الجزء الأول المتعلق بتحديدِ تاريخِ مولِده r الدافعَ الذي دفعني لإفرادِ تلكَ المباحثِ في أجزاءٍ مستقلة .
أما حادثةُ الإسراءِ والمعراجِ فقد كثر الخلافُ حولها بين السلف والخلف ؛ هل كانت يقظةً أم مناماً ؟ وهل كانت بالروحِ أم بالجسدِ والروح ؟ وهل وقعَ المعراجُ بالروحِ والإسراءُ بالجسد ؟ وهل كانت قبل البعثة أم بعدها ؟ وهل كانت قبلَ الهجرة أم بعدها ؟ وهل وقع الإسراءُ أولاً أم المعراجُ ؟ وهل تكرر الإسراءُ والمعراجُ ؟ وهل وقع بعضُه مناماً وبعضًه يقظة ؟ وهل .... وهل ... أمورٌ كثيرةٌ حدثَ الخلافُ حولها ، وسيتبينُ لك أيها القارئ خلاصةَ بحثِ هذه الخلافاتِ بالسياقِ المذكورِ في هذه الرسالة .
أما المباحثُ التي سبقت ما سُطِرَ هنا فمنها ما هو مكذوبٌ صراحةً مثل ما اشتهر بين الناس بما يسمى بـ( معراج ابن عباس ) ، ومنها مالم يحظَ بالدراسة والتمحيصِ فخلط الغثَّ بالسمين ، ومنها ما هو نقل لبعض الروايات الواردة المتكرر ألفاظها مع ترك البعض الآخر ، وأما هنا فقد حرصت على إدماج الروايات الصحيحة الثابتة فقط في سياقٍ واحدٍ يعيش معه القارىء في أحداثِ القصة ، وجعلت دراسة الرواياتِ في آخر الجزء حسب الأرقام المذكورة .
ويلاحَظُ أن الرقمَ الأساسيَّ لروايةِ الإسراء والمعراج في الكتاب الأم هو رقم (501 ) ويتضمن تحته تخريجَ الزياداتِ من الزيادة بين القوسين (1) ، (1) إلى الزيادة بين القوسين (42) ، (42) وكلُّها مذكورةٌ في هذهِ الرسالة , وأما تحديدُ تاريخِ الإسراءِ والمعراج فهو في نفس الرواية التي حددتْ المولدَ وقد ذكرتها في الجزء الأول من هذه القطوف .
كما أزفُّ إلى جميع القراء البشرى مرةً ثانية بقرب صدورِ المجلد الثاني من السيرةِ الصحيحة ، وآمل من الجميع التماس العذرِ لي فيما يلاحظونه من بعض التأخر في إخراجِ هذا العمل ، ولا بدَّ لي من ذكر بعضِ أسبابه وأذكر على سبيلِ المثال سببين :
الأول : وهو واضحٌ لكل قارىء ، ويتضمن صعوبةَ هذا العمل وضخامتَه ومسئوليتَه التي يحجم عنها الحاجمون وتقصر دونها الهمم .
الثاني : أن هذا العملَ قائمٌ على جهدي الخاص علمياً ومادياً ، فلم أتلقَّ أيَّ دعمٍ ماديٍّ له ، وليس في مقدوري الاستعانة حتى ولو بكاتب يوفر علي شيئاً من الوقت ، في حين تُوَفَّرُ الملايينُ لمثلِ هذا العمل نفسِه عندَ عدةٍ من الجهاتِ وأسأل الله أن يوفقَ الجميعَ لخدمةِ هذا الدين ، وبالأخصِّ سيرة الحبيب r , وأذكر في هذا المقامِ قولَ الشاعر الذي طالما ردده أحدُ مشايخنا الفضلاء في التفسير :
وكم في الخدر أبهى من عروس ولكن للعروس الدهر يوما
وقد تمنيتُ كثيرا أن يتبنى هذا العملَ جهةٌ رسميةٌ تساعدُ على سرعةِ إنجازِه ، ولكن لم يتيسرْ شيءٌ من ذلكَ ، وعلى الله التكلان .
هذان سببان ظاهران ، وما خفي كان أعظم ! ولذا فإني أطلبُ منهم الدعاءَ لي أن يوفقني الله تعالى في إكمالِ هذا الطريق الشاق ، وأن يسددَ قلمي وينير بصيرتي ، وأن يجعل عملي خالصا له وحده لا شركَ فيه لأحدٍ كائنا من كان .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
المؤلف
محمد بن رزق بن طرهوني
المدينة المنورة 1412هـ
ص.ب 1783