سلسلة الرسائل العلمية
( 2 )
الصيحة الحزينة
في الْبَلَدِ اللَّعِيْنَةِ
رسالةٌ في حُكْمِ زيارةِ مدائِنِ صالحٍ وما شابَهَها
تأليف
الشيخ / محمدُ بنُ رِزْق بنِ طَرْهُوني
دار ابن القيم للنشر والتوزيع
هذا البَحْثُ في حُكْمِ زيارةِ الأماكِنِ التّالِيَةِ وما يُشابِهُها :
* ( الحِجْرُ ) : وهو دِيارُ قومِ ثمودَ المنحوتةُ في الجبالِ ، وهي بينَ المدينةِ وتبوكَ ، على بُعْدِ ( 450 ) خمسين وأربَعمائَةِ كيلومتر من المدينةِ ، بالقُربِ من منطقةٍ تُسمَّى ( العلا ) ، وصورةُ أحَدِ المساكنِ على الغِلافِ . وقد أُهْلِكَ أهلُها بالصَّيْحَةِ .
قال تبارك وتعالى في سورة الحجر: ¼ `?TWÍVÖWè ð?PV¡VÒ ñ?HTTW?p²KV? X£`�Y?<Ö@? WÜkYÕWªó£SÙ<Ö@? »(80) ([1]). وقِصَّةُ ثمودَ مَعَ نبيِّ اللهِ صالحٍ في عِدَّةِ مواضِعَ من القرآنِ الكريمِ .
* ( مَدْيَنُ ) : وهي أرضُ قومِ شُعَيْبٍ النبيِّ ، وقد أَخَذَتْهُم الرَّجْفَةُ ، وهي تَقَعُ على بحرِ القُلْزُمِ محاذِيَةً لتبوكَ ، على نحوٍ من سِتِّ مراحلَ ، وهي الآنَ على حدودِ السعوديةِ .
قال تبارك وتعالى في سورة الأعراف : ¼ uøVÖMX?Wè fÛW Tÿ`?TWÚ `ØSå?W?KV? %?_T?`~TWÅS® » ([2]) . وقد أُهْلِكَ أهلُها بالرَّجْفَةِ ، قال تبارك وتعالى في سورة الأعرافِ : ¼ SØSäpTT?W¡W?VK?WTÊ SàWÉ`�QW£Ö@? N?éS?W?p²VK?WTÊ Á `ØYåX¤?W fû kYÙY�HTWT� »(91)([3]) .
* ( وادي مُحّسِّرٍ ) : وسيأتي في البحثِ إن شاءَ الله .
* ( بحيرةُ قارونَ ) : وهي المكانُ الذي خُسِفَ فيه بقارونَ ، وهي منطقةٌ مشهورةٌ بذلك ، وتقَعُ بالقربِ من الفَيّومِ بمصرَ .. قال تبارك وتعالى في سورةِ القصصِ : ¼ ?WTÞpTÉW©W?WTÊ -YãYT? YâX¤?W?YT?Wè ð³`¤KKV?ô@? » ([4]) .
* ( البَحْرُ الميتُ ) أو ( بحرُ لوطٍ ) : وهو المكانُ الذي خُسِفَ فيه بقريةِ ( سدوم ) التي كان فيها قومُ لوطٍ عليه الصلاةُ والسلامُ ، وتقَعُ في الأردُنْ ، وهي منطقةٌ مشهورَة . قال تبارك وتعالى في سورة الحجر : ¼ ?WTÞ<ÕWÅW�WTÊ ?WäW~YÕHTTWÆ ?WäVÕYÊ?Wª ?WTßó£ð¹`ÚKV?Wè `ØXä`~VÕWÆ ^áW¤?W�Y? ÝYQÚ \Ô~QX�gª »(74)([5]) .
وغيرُ ذلكَ من البقاعِ ، مثلُ خَسْفِ ( بابل ) كما سيأتي في البحثِ إن شاء الله تبارك وتعالى .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله نحمَدُه ونستَعينُه ونستَغفِرُه ، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفُسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، من يهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ، ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له . وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ ، وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه .
أما بعدُ :
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله ، وخيرَ الهدْيِ هَدْيُ محمَّدٍ r ، وشرَّ الأمورِ محدَثاتُها ، وكلَّ محدَثةٍ بدعَةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ .
فتلبيةً للنداءِ الداخليِّ ، الذي ينْبَعِثُ من نِياطِ قلبي ، والذي يرتَفِعُ صوتَه ويرتَفِعُ كلَّما عَنَتْ لنا قضيةٌ بدا فيها الحقُّ في سَتْرٍ عن الأنظارِ ، واحْتيجَ لرفْعِ هذا السِّتارِ ، لمعرفةِ ما يُقَرِّبُ من الجنةِ وما يباعِدُ من النارِ ؛ كَتبْتُ هذا البحثَ المختصَرَ ، غيرَ المُخِلِّ – فيما يبدو لي – للفَصْلِ في ذلكَ الأمْرِ الخطيرِ الذي يتهافَتُ عليه الناسُ ، وللأسَفِ كثيرٌ من طلابِ العلمِ وشيوخِهِم .
ومما دَفَعَني لذلكَ : أني وَجَدْتُ كثيراً منهم لم يقرأْ شيئاً عن هذهِ المسألةِ ، بل فُوجِئَ بعضُهم ببعضِ ما سُقْتُهُ من أدلَّةٍ فيها ، ودارَ النقاشُ بيني وبينَ البعضِ .. وسَيَتَبَيَّنُ ذلكَ أثناءَ قراءَتِكَ للرِّسالَةِ أيها القارئُ الكريمُ ، مما دَفَعَ بعضَ الإخوانِ إلى الإلحاحِ عليَّ في كتابَةِ هذا البحثِ ، وتسْجيلِ بعضِ ما قُلتُهُ أثناءَ تِلكُمُ المناظراتِ ، فكانَ هذا البحثُ الذي يدورُ في موضوعِ زيارَةِ ديارِ ثمودَ ، عليهم لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ ، وزيارةِ كلِّ مكانٍ حَلَّتْ به لعنةُ اللهِ ونِقْمتُه وغَضَبُه ، فكان صيحةً لإنقاذِ الواقعينَ في هذا الخطرِ العظيمِ حزينةً ، لكَثْرَةِ المنافِحينَ عن هذا العمَلِ المشينِ ، فسَمَّيْتُه ( الصيحةُ الحزينةُ ) لأجلِ ذلكَ ..
وأرجو أن ينفَعَني اللهُ به وإياكم ، وأن يجعَلَنا ممن يَتَّبِعُ الحقَّ حيثُما كانَ ، ومن أيِّ شخصٍ كانَ ، وأما من نَكَبَ عن الجادةِ ، وحادَ عن الصِّراطِ ، وكابر عن قبولِ الحَقِّ ، فنقولُ له :
دَعْهُمْ يَزْعُمونَ الصًّبْحَ ليلاً أيَعْمَى العالِمونَ عن الضِّياءِ
محمد بن رزق بن الطرهوني
1403هـ
المدينة المنورة ص . ب . 1783