الهيئة العالمية لمحاربة الفصل العنصري العالمي

بقلم د .محمد رزق طرهوني

 

نداء إلى جميع هيئات حقوق الإنسان في العالم وإلى كل إنسان ينادي بالحفاظ على حقوق الإنسان للتفاعل مع هذه الدعوة الصادقة لمحاربة أعظم أشكال الفصل العنصري والتفرقة العنصرية التي تمالأ عليها العالم أجمع وأغمض عينيه عن رؤيتها وأغلق عقله وفكره عن التأمل  فيها وانشغل فيما هو دونها مما يقبله  كثير من العقول وله مسوغاته المقبولة لدى كثيرين .

الكل ينادي بالمساواة وتختلف الأفهام بين  مساواة تراعي الفوارق المعتبرة وبين المساواة التامة ومحاربة كل أشكال التمييز بناء على العرق واللون والجنس والدين

وهذا القسم وإن نادى بذلك فهو كاذب حقيقة فيما يدعيه وغير مطبق له في الواقع وبنظرة سريعة في المجتمعات الأوربية والأمريكية  التي صدعت رؤوسنا بهذه النغمات يعرف حقيقة ذلك فالفوارق لازالت في أوج وضوحها في تلك الجوانب جميعها

ولا زال أصحاب العرق الآري  لهم الصدارة في المناصب الكبرى وفي تمثيل الشخصية الكاملة وإن وجدت حالات شاذة وهي للتلميع وتحت هيمنة أصحاب هذا العرق ولازالت محاربة منه  ولا زال الأسود ينظر إليه بل والملون عموما بنظرة دونية بل يجعل دائما مثالا للفاسدين والمفسدين  حتى في الأفلام

ولا زالت المرأة دون الرجل في كل النواحي ويكفي النظر في نسبة وجودها في أي اجتماع دبلوماسي أو بين صانعي القرار ولا تكاد تتولى امرأة إلا على كتف رجل سابق إما  أب أو زوج ولا زالت بعض الوظائف محجورة عليها ورواتبها أدنى

ولا زال أصحاب الجنس الثالث والمثليون منبوذين وحقوقهم منقوصة عن غيرهم في جل البلاد

وأما الدين وما أدراك ما الدين فانظر الى حال المسلمين في تلك البلاد وانظر الى فقدانهم أكثر حقوقهم في حين يتمتع النصراني واليهودي بكامل الحقوق وقد زادت حدة التفرقة في الآونة الأخيرة ومعارك النقاب والحجاب والمآذن لا تخفى على أحد.

أما التفرقة العنصرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الصهاينة فحدث ولا حرج حتى وصل الأمر لبناء جدار الفصل العنصري على مرأى ومسمع من العالم الذي ينادي بالمساواة المطلقة ومن كيان يدعي أنه مثال للديمقراطية وكذبوا جميعا .

يمكن أن نتفهم المساواة المبنية على الفوارق المعقولة مثل التفرقة في جوانب معينة بين الرجل والمرأة لأن الخلقة أصلا فرقت بينهما في جميع الجوانب العقلية والنفسية والصحية باتفاق العقلاء ولو أراد رجل ـن يحمل بطفل ما أمكن ذلك ولو أرادت المرأة  أن تكون هي المتحكمة في  جنس الجنين لما أمكن لها ذلك فالأول ليس لدية رحم وما يتبعه والثانية ليس لديها الكروموزومات المسئولة عن الذكورة

وقد يتفهم  كثير من العقلاء التفرقة على سبيل الدين لأن عقيدة المتدين تلزمه عن طريق القوة التي يدين بها بأمور خارجة عند إرادته فهو ينفذ ما يمليه عليه دينه لأنه  يرى في ذلك نجاته من عذاب وعقوبة لا يطيقها وهذا في جميع الديانات حقها وباطلها المهم أن هذا الذي يفرق هنا مسلوب الإرادة فكيف يلام على ذلك كما أن الدين يمكن أن يعتنقه الطرف الأخر فيتمتع  بكل ما هو لأهله ويزول عنه التمييز فالأمر له اختيار فيه هو مسئول عنه .

أما التفرقة على سبيل العرق  واللون فلا يمكن لعاقل أن يقبل بها فلا فوارق خلقية تستلزم التمييز ولا قوة قاهرة خارقة تجبر عليه ولا خيار لإنسان أن يختار عرقا أو لونا له أخر ولذا بطل التمييز تماما بناء على ذلك .

أما الأدهى  من كل ذلك والأمر والذي غفل عنه العالم أجمع أو تغافل عنه فالتمييز الوقح بناء على الجنسية والأرض التي ولد فيها الإنسان

فالعجب العجاب من رجل ولد على الحدود الأمريكية من داخلها وآخر ولد على نفس الحدود من خارجها لا يفصل بينهما إلا حد وهمي وضعه الإنسان وربما كلاهما من أسرة واحدة وعرق واحد ودين واحد ولكن لمجرد هذا الفاصل الوهمي فبينهما في الحقوق والواجبات كما بين المشرق والمغرب

بل انظروا للحرس كيف يتعاملون مع المتسللين كأنهم جرذان أو كائنات جرباء أو أورام سرطانية ويتم اصطيادهم كالحيوانات وهذا في أمريكا فقسه على بقية العالم ستجد العجائب.

لماذا لا يأخذ هذا الإنسان حقوق مثيله الإنسان على الأرض ويلزم مثله ما يجب عليه من أين أتت هذه التفرقة العنصرية البغيضة .

قد يكون عطاء هذا المنبوذ المحارب أفضل من عطاء هذا المكرم المعزز وربما كانت قدرته وإمكاناته أفضل وإخلاصه أعظم فعلى أي أساس تمت التفرقة وبأي حجة كان هذا التمييز العنصري

وهنا يحق لي أن أتطرق لنظام الخلافة في الإسلام الذي أصيب العالم بالفوبيا منه وهو النظام العالمي الوحيد الذي حارب هذا التمييز البغيض وحقق معه حقيقة المساواة التامة بين الأجناس والأعراق والألوان              

فلا فضل لأبيض على أسود ولا لعربي على عجمي إلا بالتقوى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه علمها عند الله ويحاسب عليها في الآخرة كما قال تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )

وأي مسلم يطأ أرض المسلمين فله جميع حقوقهم في أي بلد كان مولده ونشأته وأيا كان أبواه وجدوده .

 هذه الخلافة التي يتمنى أهل المشرق والمغرب الوصول إلى شيء مما يشابهها فها هي الولايات المتحدة الأمريكية وها هو الاتحاد الأوروبي وها هي الإمارات العربية المتحدة وهاهي فكرة الاتحاد الأورومتوسطي  وهاهي فكرة الاتحاد الخليجي وغيرها من إشكال الاتحاد الذي هو فكرة الخلافة منقوصة مزايا يصعب تطبيقها بلا إسلام لله تعالى .

وللأسف مع محاربة الغرب لنظرية الخلافة الإسلامية وتخويفهم العالم منها وما ذلك إلا لأنها تجعل المسلمين القوة العظمى في العالم يحاربها أيضا من بني جلدة المسلمين ممن يتكلمون بألسنتهم

وبعضهم يوهم الناس أن الخليفة في الإسلام عليه صبغة إلاهية

وكذبوا والله بل الخليفة في الإسلام بشر لا يزيد عن سواه شيئا ويقومه رعيته وينصحونه ويعزلونه إذا لم يك صالحا  ويحاربونه إذا لزم الأمر

ومن يقرأ التاريخ يعرف حقيقة ذلك على مر العصور الطويلة لحين سقوط الخلافة القرن الماضي

وأخيرا أنادي مرة أخرى وأكرر النداء لإنشاء تلك الهيئة العالمية لمحاربة التفرقة العنصرية على سبيل الجنسية وجواز السفر والولادة والنشأة

والدعوة إلى المساواة بين الإنسان والإنسان ، المساواة  المبنية على الفوارق المعقولة فكلنا أبونا واحد وأمنا واحدة وأصلنا كلنا التراب ونهايتنا التراب وعليه انتشرنا وعشنا فلماذا التمييز والعنصرية ؟

( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى)

وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبة أجمعين
دعوة لجميع المسلمين لترجمة هذا المقال جعل الله ذلك في موازين حسناته.